حقائق عن الدين البهائي

Facts about the Bahá’í Faith


مواضيع وقضايا اخرى


هنا نتطرق بإيجاز على بعض المسائل التي لم يتم فهمها بصورة جيدة عن الدين البهائي و مسائل اخرى تقاولها البعض عنه دون أساس في الحقيقة و يمكن ان تتطور بعض هذه الردود الى صفحات منفصلة في المستقبل. بعض ما كتبه الغير عن الدين البهائي (وتعليقنا عليه):

۱- الدين البهائي هو فرقة من فرق الإسلام الضالة (او .. فرقة من فرق الشيعة الضالة)

ان جذور الدين البهائي هي حقا نبعت من تربة المجتمع الاسلامي الذي ترعرع فيه مؤسسها حضرة بهاء الله ومن قبله حضرة الباب الذي كان قد جاء ليبشر بقدومه وكلاهما نشئا في دولة ايران. والحالة هنا تشابه علاقة الديانة المسيحية بالديانة اليهودية بالضبط و كما ان المسيحية هي ليست من فرق اليهود فإن الدين البهائي هو دين مستقل تماما ولا تربطه بباقي الأديان سوى ان جميع هذه الاديان هي من منبع واحد و جائت كلها لتآخي بين البشر وينظر اليها البهائيون كدين الهي واحد بـُسطت حقائقه تدريجيا عبر العصور. والبهائيون يحبون و يعظمون جميع هذه الأديان وكتبها ورسلها ومن جملتهم الرسول محمد(ص) ويحترمون عائلته واصحابه كما يحترم المسلمون رسل باقي الأديان ومن جملتهم حضرة السيد المسيح(ع) و والدته مريم العذراء والحواريون من اصحابه. ولكن البهائيون كانوا ولا زالوا و منذ بدايات دينهم يؤمنون باستقلاليته و شاركتهم المحاكم الفقهية المصرية منذ سنة ١٩٢٥م بان الدين البهائي هو منفصل عن الإسلام وليس من فرقه.

۲- البهائيون هم مسلمون مرتدون ويحق فيهم حكم الردة

ان الأغلبية الكبرى من اتباع الدين البهائي في انحاء العالم في مايزيد عن ٢٣٥ دولة وقطر، ويمثلون أكثر من ٢٣٠٠ جنسا من اجناس الكرة الأرضية، آمنوا به بعد ان كانوا من اصحاب ديانات ليس لها اية علاقة بالإسلام. والسبب الأول لهذا هو ان الدين البهائي لا ينعم بحرية نشر تعاليمه في أغلب البلدان الإسلامية وبسبب المعارضة الشديدة له من قبل الحكومات والهيئات الدينية في هذه الدول منذ نشأته في منتصف القرن التاسع عشر.

وحتى الأجيال الحالية من البهائيين المتواجدين في البلدان الإسلامية هم مولدون لأبوين بهائيين ولم يكونوا يوما من أتباع الديانة الإسلامية .. ولكن مع هذا فكل من آمن بالدين البهائي بعد ان كان من اتباع ديانات اخرى لا علاقة لها مطلقا بالإسلام، صار يحترم ويؤمن بأحقية الإسلام وصار يعظـّم رسوله و كتابه بعد ان كان هو وكل اجداده من مئات والوف السنين لا يعترفون به بل ينكروه ويحاربوه. فهل من المعقول ان يحق في هؤلاء حكم المرتدين مجرد لأنهم الآن فقط أصبحوا يحبون الإسلام والرسول والقرآن بعد أن علـّمهم الدين البهائي وفرض عليهم هذا الحب والتعظيم واستوجبه عليهم؟

۳- الدين البهائي هو نحلة أو جماعة دينية مارقة من النوع الذي يسمى (cult) باللغة الانجليزية

ان لمثل هذه النحلات والطوائف التي تتسمى باسم الدين صفات مميزة لا توجد في الدين البهائي. فنرى مثلا ان الدين البهائي ليس له من يسمون رجال دين مثل القساوسة أو الملالي أو الشيوخ أو اي نوع آخر من رؤساء الأديان. ولا يحمل اي فرد من اتباعه مكانة دينية تميزه عن باقي البهائيين في العالم أو تعطيه رتبة أو صلاحية أو سلطة فردية أو شخصية ساحرة يتجمع حولها الناس. وكان حضرة بهاء الله قد عين ابنه الأرشد حضرة عبد البهاء مركزا لعهده ومفسرا لتعاليمه ومن بعده عين عبد البهاء حفيده شوقي افندي لولاية أمر الدين البهائي بمساعدة الهيئات الإدارية المنتخبة ولكن بعد وفاة شوقي افندي في ١٩٥٧م اقتصرت إدارة الجتمعات البهائية على الهيئات المنتخبة على النطاق المحلي والاقليمي والعالمي والتي يتم انتخابها من قبل كل البهائيين التي يزيد عمرهم على ٢١ سنة بدون اية ترشيحات او حملات دعاية ومهمة هذه الهيئات (وتسمى بالمحافل الروحية) هي مهمة خدمة و ادارة شؤون المجتمع لحين الانتخابات التي تليها في السنة اللاحقة.

والدين البهائي ليس فيه اية طقوس او ممارسات سرية، وكتبه مفتوحة للجميع ومتوفرة في المكتبات العامة وكذلك على الانترنت. أما التبرعات المالية فهي تقتصر على اتباع الدين البهائي ولا تقبل اية تبرعات من غير البهائيين وكلها تكون بكل حرية وبدون طلب مباشر من الأفراد وبدون علم اي احد بالكمية التي يتبرع بها اي شخص آخر. ونرى إذا ان الدين البهائي لا يشترك مع مثل هذه النحل بأي من مميزاتها أو صفاتها.

٤- البهائيون عملاء لــ (روسيا/بريطانيا/اسرائيل ....) وباقي قوات الإستعمار في العالم

لو تتبعنا تاريخ البهائية لوجدنا ان كل عقدين أو ثلاثة أو أكثر قليلا ظهرت اتهامات جديدة عن عمالتهم وتعاونهم مع العدو الجديد لدول الشرق الأوسط في تلك الآونة.

فعندما كانت عيون روسيا القيصرية تحلم بخيرات بحر قزوين انتشرت الأقاويل عن تعاون البهائيين مع الروس وجواسيسهم وعندما كان حضرة بهاء الله سجينا في سجن النقرة السوداء في طهران وكانت عائلته في قلق شديد على مصيره كان زوج أحدى اقاربه يشتغل كاتبا في احدى القنصليات الروسية و ابتغى ان يتوسط القنصل في إطلاق سراحه وبعد ان اطلق سراحه بعد اربعة اشهر رفض حضرة بهاء الله عرض الحكومة الروسية في استضافته هناك واختار النفي الى بغداد.

أما خلال مجاعات الحرب العالمية الأولى في سوريا و فلسطين فكان حضرة عبد البهاء (الأبن الأرشد لحضرة بهاء الله) يوزع الحبوب من الحنطة والشعير وغيرها التي كان قد زرعها في أرض اشتراها في بداية القرن العشرين على سكان قرى و مناطق المجاعة. وعندما جائت الجيوش البريطانية في أواخر الحرب و طردت الأتراك من فلسطين وباقي مناطق الهلال الخصيب، رحب بها أهالي المنطقة و أحتفوا بها و أعتبروها محررة لهم من ظلم الاتراك. وبعد الحرب قرر البريطانيون منح حضرة عبد البهاء وسام ولقب سير لخدماته الإنسانية اثناء الحرب والمجاعات ولم يرغب حضرته اهانتهم في رفض الوسام واللقب إلا انه لم يستعمله يوما في حياته ولم يكن في اي حاجة لألقاب دنيوية.

أما عن العلاقة مع دولة اسرائيل فالإتهامات مبنية على وجود بعض المقامات المقدسة البهائية في مدينتي حيفا و عكاء كضريح حضرة الباب و ضريح حضرة بهاء الله ووجود الهيئات الإدارية هناك. ويهمل أصحاب هذه الإتهامات أن يذكروا ان سبب تواجد هذه المقامات هناك هو نفي حضرة بهاء الله الى سجن عكاء من قبل الدولتين القاجارية والعثمانية في سنة ١٨٦٨م. أي ثمانين عاما قبل تأسيس دولة اسرائيل. وتوفى حضرة بهاء الله سنة ١٨٩٢م. في احدى ضواحي عكاء و دفن فيها وشيد ضريحه هناك.

٥- البهائيون لا يؤمنون بالحياة بعد الموت أو بالجنة والنار أو بالملائكة والجن

بينما نجد القليل جدا عن الروح والحياة بعد الموت في الكتب السماوية التي سبقت الدين البهائي نرى ان هناك مئات الصفحات في كتابات حضرة بهاء الله و تفسيرات حضرة عبد البهاء عن الحياة الأبدية للروح وترقيها في عوالم الله عز وجل. والبهائيون يؤمنون ايضا بالجنة والنار ولو انهم لا يعتقدون بأن لهما مكانا جغرافيا بل يرونهما كحالتي تـَقرُب الروح من الله أو ابتعادها عنه بما سلكت في هذه الحياة الدنيا وبما قدمت ايديها.

ولا ينكر البهائيون وجود الشر و مظاهره و آثاره في العالم ولكنهم لا ينظرون اليه كقوة ايجابية فعالة بنفسها بل يشبهوه بالظلام الذي هو عبارة عن غياب النور وليس له وجود بنفسه فمن الممكن ان يتبدى الظلام بالنور مثلا بإشعال شمعة ولايمكن للظلام ان يحدث إلا بعد غياب النور وما الشر إلا غياب الخير وممكن ان يتبدى برجوعه.

ولا ينفي البهائيون الملائكة أو الجن بل ان الكتب البهائية تتحدث عن عوالم الله التي لا نهاية لها ولايعرفها احد سواه وهو سبحانه وحده يعلم من يسكنها من خلائقه سواء كانت مخلوقات جسدية أم روحية ولكن في بعض التفاسير ينظر البهائيون الى الشيطان ويفسرون ما جاء في ذكره في الكتب السماوية بأنه كناية عن النفس النارية أو النفس الأمارة أو الطبيعة الإنسانية الدنيا التي تحثنا على الدوام على العصيان والتمرد ونسيان الله وعدم اتباع تعاليمه ويرى البهائيون الحياة اليومية بمثابة جهاد مستمر دائم للسمو فوق النفس الأمارة الذي لن يتم سوى بالعياذ بالله وطلب العون منه والدعاء المستمر واقامة الصلاة واتباع باقي الأوامر الإلهية وبالنزاهة والعفة.

٦- البهائيون يحرمون ذكر الله والدعاء في الأماكن العامة

انتقد البعض الدين البهائي بمثل هذا استدلالا ّ بهذه الآية من الكتاب الأقدس وهو كتاب الأحكام في الدين البهائي:


"ليس لاحد ان يحرّك لسانه امام النّاس اذ يمشي في الطّرق والاسواق .." (الكتاب الأقدس، فقرة ۱٠۸)


ولكن عندما نقرأ تكملة الآية نجد ان المغزى هو ابداء الخشوع والإحترام بما تستحقه الكلمات الإلهية ونهي الناس عن المبالغة في التظاهر الزائف بالتدين والورع بتلاوة الآيات والدمدمة حين المشي في الشوارع. وبالعكس فأن التعاليم البهائية تؤكد على ضرورة وأهمية ذكر الله والتعبد في كل الأوقات لأن الصلاة ومناجات الخالق هي غذاء الروح تحتاجه على الدوام كما يحتاج الجسد الى الغذاء المادي كل يوم. أما تكملة الآية المذكورة فهي كما يلي:


" ليس لاحد ان يحرّك لسانه امام النّاس اذ يمشي في الطّرق والاسواق بل ينبغي لمن اراد الذّكر ان يذكر في مقام بني لذكر الله او في بيته هذا اقرب بالخلوص والتّقوى"


٧- دين يقلل من اهمية المشاعر والعواطف الوطنية بحجة محبة العالم (ويتسبب عن ذلك عدم الدفاع عن الوطن)

لم يكن في اي وقت أن تـَسببَ حب الابوين والاخوان والخوات في ان يتردد المرئ في ان يحب باقي الأقارب والخلان وفي الوقت نفسه لا يتطلب حب الاقارب ان تضعف محبة الوالدين والاخوان فالمحبة لا تنضب بالتطبيق الفعلي وكأنها من بئر ضحل بل هي من معين دافق كلما سمح له بالجريان كلما زاد ماؤه وكذلك نرى في مـَثل البناء فهل من المعقول اننا إذا ازدنا في الأساس من ابعاد العمق والعرض ان يتسبب ذلك في ضعف البنيان؟ ألم يأمرنا الله بأن نتعاون مع بعضنا وخلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف أم كان ذلك (ولله الغفران) لكي نقاتل بعضنا البعض؟ ولو نظرنا الى كيف ان كل دين عندما تلى الذي سبقه وسّع دائرة المحبة، لرئينا ان حب العالم هو المرحلة الطبيعية للوقت الراهن فقد شددت التوراة على إطاعة وحب الوالدين وجاء عيسى(ع) ليأمرنا بحب الجار وجاء سيدنا محمد(ص) ليقول لنا ان حب الوطن من الإيمان. فهل كانت دعوته(ص) لحب الوطن سببا لضعف قريش واحتلال باقي قبائل العرب لها وانتهاكهم لحرمتها ؟ والآن يدعونا حضرة بهاء الله لحب العالم ولا يطلب منا ان نقلل من حبنا لاوطاننا ولكن حبنا هذا لأوطاننا لا ينبغي ان يكون مانعا لحبنا باقي العالم فقد جاء الدين البهائي لإزالة كل العوائق والموانع التي حالت بين وحدتنا كسكان كرة ارضية واحدة وابناء آدم واحد، والحدود الجغرافية هي ليست سوى عائق واحد ضمن عدة، فقد دعا حضرة بهاء الله الى إزالة عائق التعصب العنصري و عوائق التعصبات المبنية على مقدار الغنى والفقر أو مستوى الثقافة أو اصالة العرق والنسل وكل ما ادى عبر العصور للتفرقة وسوء الضن والكراهية.

۸- البهائيون يحرمون الجهاد مما يسمح المجال للدول الغاصبة ان تعتدي على دول العالم الإسلامي

من الممكن ان يكون لهذا الموضوع اكثر من بـُعدٍ واحد يمكن التعليق عليه فإذا نظرنا الى الجهاد كإحدى الطرق في نشر الدين فان حضرة بهاء الله يوصي اتباعه من البهائيين ان ينشروا الدين بالكلمة الطيبة والأخلاق المرضية والأعمال الحسنة بدل السلاح وذلك لأن تأثيرها في القلوب أمضى، ولأن هذا ما يلائم هذا العصر الذي نعيش فيه اليوم. ولا يعني هذا بالبتة بان طريقة نشر الأديان السابقة لم تكن مثالية لأوانها بل بالعكس وخاصة لان ذلك كان بأمر الله،ولكن لكل عصر ولكل آن ما يلائمه. أما عن البـُعد الثاني وهو الدفاع على النفس، فمع ان الدين البهائي يـُحرّم حمل السلاح للأفراد وهو مثل باقي الأديان يـُحرّم القتل وهناك آيات تنص على "ان تـُقتلوا خير لكم من ان تـَقتلوا" فإنه لا ينهى عن الدفاع على النفس. والنص في الكتاب الأقدس عن تحريم حمل السلاح هو: "حرم عليكم حمل الات الحرب الا حين الضرورة" ويدعو حضرة بهاء الله الأمم جميعها (وليس بعضها فقط) الى الوئام وإصلاح ذات البين و نزع السلاح أو الحد منه الى قدر كاف لحفظ الأمن لكي ترفع مصاريف الحرب الباهضة عن عاتق الشعوب، ولكنه في الوقت نفسه يؤكد على اتحاد الأمم في عقاب المتعدي:


"يا معشر الملوك انا نراكم في كل سنة تزدادون مصارفكم و تحملونها على الرعية ان هذا الا ظلم عظيم اتقوا زفرات المظلوم و عبراته و لا تحملوا على الرعية فوق طاقتهم.... ان اصلحوا ذات بينكم اذا لا تحتاجون بكثرة العساكر و مهماتهم الا على قدر تحفظون به ممالكم و بلدانكم اياكم ان تدعوا ما نصحتم به من لدن عليم امين. ان اتحدوا يا معشر الملوك به تسكن ارياح الاختلاف بينكم و تستريح الرعية و من حولكم ان انتم من العارفين ان قام احد منكم علي الاخر قوموا عليه ان هذا الا عدل مبين ...". (سورة الهيكل)


فهنا نجد ان الدين البهائي كان اول من يدعوا الى مبدأ الأمن الجماعي للأمم، والبهائيون يسكنون في أكثر من ٢٣٥ دولة في العالم و إن كانوا يدعون الى النزع العام للسلاح فإنهم يدعون الى ذلك اينما حلوا ولا يدعون الى ان تكون اية دولة اقوى من الدول الأخرى.

أما عن أخذنا تعريف الجهاد بأنه الجهاد على النفس الأمارة فإن تعاليم الدين البهائي كلها تدعوا الى ذلك في كل لحظة من العمر وما على الباحث إلا ان يقرأ ايا من الكتب البهائية ليطلع على هذا.

ومع كل ماسبق ذكره فمن المهم هنا ان نذكر ايضا ونعيد بأن الأحكام البهائية هي للبهائيين ولا يقول البهائيون ان على باقي سكان العالم ان يتركوا الجهاد أو ان ينشروا دياناتهم على الطريقة البهائية.

٩- الدين البهائي يدعو الى لغة عالمية ليضعضع وحدة الأمة ويقلل من شأن لغة القرآن

وحدة العالم الإنساني هي من مبادئ الدين البهائي ولكن يفسرها حضرة عبد البهاء بأنها وحدة تعددية كوحدة الزهور المختلفة في الحديقة، كلها متحدة في مشاركتها الماء والتربة والهواء وضياء الشمس ورعاية الفلاح ولكن اختلاف الوانها واشكالها وعطرها هو بذاته ما يزيد من خلابيتها وجذابيتها ولا يدعو الدين البهائي ان يتخلى الناس عن مميزاتهم التراثية والحضارية ولكنه يدعوهم كما دعاهم القرآن الكريم ان يتعارفوا. ومن اجل ان يشعر الأنسان وكأنه في بيته وبلده اينما رحل واينما حل ولأجل التفاهم وتجنب الأختلاف وسوء الفهم، دعا حضرة بهاء الله ملوك ورؤساء العالم وحكامه ان يتشاوروا وينتصحوا فيما بينهم ويختاروا لغة ثانوية يتعلمها الأطفال في جميع انحاء العالم لهذا الغرض ولكي لا يضيعوا اعمارهم في تعلم عدة لغات هذه للدراسة في ذلك البلد وتلك للتجارة مع البلد الآخر واخرى لغرض ثالث... .ونرى الآن انه بالفعل بدأ الناس بالتداول فيما بينهم على الاكثر بلغات قليلة من لغات العالم بسبب الأختلاط الشديد والتبادل التجاري والعلمي وغيره، فنراهم مثلا يستعملون اللغة الانجليزية في اكثر المعاملات الدولية ولكننا لا نعلم اية لغة سيستقر عليها العالم في المستقبل.

ومن جملة بيانات حضرة بهاء الله في هذا الصدد، يتفضل في الكتاب الأقدس:

"يا اهل المجالس في البلاد اختاروا لغة من اللّغات ليتكلّم بها من على الارض وكذلك من الخطوط ان الله يبيّن لكم ما ينفعكم ويغنيكم عن دونكم انّه لهو الفضّال العليم الخبير هذا سبب الاتّحاد لو انتم تعلمون والعلّة الكبرى للاتّفاق والتّمدّن لو انتم تشعرون". (الكتاب الأقدس، الفقرة ۱۸٩)


وهذه اللغة الثانوية يمكن ان تكون واحدة من اللغات المتداولة أو لغة جديدة يتفق عليها اهل العالم ولو ان حضرة بهاء الله كان قد فضل اللسان العربي بما وصفه بأنه "افصح وابسط* واوسع" [من غيره من الألسن] وبأن باقي اللغات محدودة نسبة باللغة العربية إلا انه لم يصّر عليها وترك الخيار لأهل العالم (عن طريق ممثليهم).

* البسط من السعة والإنتشار والعرض


"يَا ابْنَ الرُّوحِ ... أَحَبُّ الأَشْيَاءِ عِنْدِي الإنْصافُ. لَا تَرْغَبْ عَنْهُ إِنْ تَكُنْ إِلَيَّ راغِبًا وَلَا تَغْفَلْ مِنْهُ لِتَكُونَ لِي أَمِينًا وَأَنْتَ تُوَفَّقُ بِذلِكَ أَنْ تُشَاهِدَ الأَشْياءَ بِعَيْنِكَ لا بِعَيْنِ العِبادِ وَتَعْرِفَها بِمَعْرِفَتِكَ لا بِمَعْرِفَةِ أَحَدٍ فِي البِلادِ. فَكِّرْ فِي ذلِكَ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ. ذلِكَ مِنْ عَطِيَّتِي عَلَيْكَ وَعِنايَتي لَكَ فَاجْعَلْهُ أَمامَ عَيْنَيْكَ."
%
تقدم القراءة