حقائق عن الدين البهائي

Facts about the Bahá’í Faith


الدين البهائي ومبدأ عدم التدخل في السياسة


تحرّم المباديء البهائية الاشتغال بالسياسة وقبول المناصب الحكومية المرتبطة بالسياسة أو حتى مجرد الإنتماء الى الأحزاب السياسة أو حتى ما يبدو منه ما يشبه السياسة مثل الفرق الغير مفتوحة للجميع أو غير العلنية مثل الماسونية وغيرها.

وتدعوا تعاليم حضرة بهاء الله أتباعه الى التعامل مع الحكومات بكل أمانة ووفاء في اي بلد يسكنوه وتؤكد على وجوب إطاعة الحكومة في كل الامور إلّا في إنكار العقيدة

ويتفضّل حضرة بهاء الله مؤكّدا على هذا المبدأ الجوهري:


"إِنَّ هَذَا الْحِزْبَ[۱] إِذَا أَقَامَ فِي بِلادِ أَيِّ دَوْلَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْلُكَ مَعَ تِلْكَ الدَّوْلَةِ بِالأَمَانَةِ وَالصِّدْقِ وَالصَّفَاءِ. هَذَا مَا نُزِّلَ مِنْ لَدُنْ آمِرٍ قَدِيمٍ". (لوح البشارات)


وكذلك قوله:


"ليس لأحد أن يعترض على الذين يحكمون على العباد دعوا لهم ما عندهم وتوجهوا إلى القلوب". (الكتاب الأقدس، الفقرة ٩٥)


لقد جاءت كل الأديان للتآخي والوفاق ومنها الدين البهائي الذي جاء للألفة والتعاون واتّحاد من على الأرض جميعا، بينما نرى أنّ سياسة الأحزاب المتعارضة هي بطبيعتها تفرّق بين مؤيّدي هذا الحزب ومؤيّدي الطرف الآخر، وحتى بين أفراد العائلة الواحدة في بعض الأحيان. وجاءت الأديان لإحياء القلوب وإصلاحها ولم تأت للغلبة الدنيوية أو السلطة الظاهرية. وينتج عن مثل هذا المبدأ ان لا تتصادم فئات المجتمع فيما بينها ... بل ينتج عنه أيضا حفظ وحدة البهائيين في العالم الذي يعيش أتباعه في أكثر من ٢٣٥ دولة من دول العالم في الوقت الحاضر، حين الذي لا تتفق حكومات أغلب هذه الدول فيما بينها.

إنّ هذا المبدأ -في حد ذاته- لا يعني الإنعزال عن المجتمع والإنطواء على النفس، فمثلا نرى أنّ البهائيين يشاركون في الإنتخابات العامة في البلدان التي تسمح للأفراد أن يصوّتوا من دون أن ينتموا الى حزب معين ويكون تصويتهم في هذه الحالة للأفراد الكفوئين بصفتهم أفراد مستقلين ولصفاتهم المؤهلة كمواطنين صالحين وليس للأحزاب التي ينتمون اليها.

وكذلك لا يعني هذا المبدأ انّ البهائيين لا يبالون بمعاناة المظلومين من المستضعفين أو اللاجئين أو ضحايا الفقر والتعصبات العنصرية أو المذهبية أوالسياسات الخاطئة . أو أنهم لا يهدفون الى تغيير أوضاع المجتمع البالية والمساوئ المنتشرة والمضار المؤلمة. على العكس فالبهائيون يؤمنون بخدمة البشرية، ولكنهم يقومون بذلك عن طريق البناء وليس الهدم، وعن طريق المشاورة وعرض الآراء، وعن طريق الإعلام، والثقافة، والتربية ونشر الوعي العام، وعن طريق العمل من خلال المنظّمات غير الحكومية، كالمنظمات التابعة للأمم المتحدة والهيئات العالمية الأخرى التي لا تتدخل في السياسات المحلية مثل الهيئات الطبية والثقافية والإجتماعية وليس عن طريق المعارضة والصراع والتصدي. وكذلك عن طريق العمل من خلال الهيئات الإدارية البهائية التي تعمل مع الآخرين على نشر مبادئ العدالة الإجتماعية وحقوق الإنسان في المدارس والمعاهد الثقافية وغيرها. وبسبب الانتشار الجغرافي الواسع للبهائيين في شتّى أنحاء العالم أصبح نجاحهم في إنشاء مجتمعات حقيقية مبنية على التعاليم البهائية تتمثل فيها مبادئ دينهم واقعا وليس حلما. فهم يدعون الناس لأن يروا بأنفسهم النتائج العملية لتطبيق هذه المبادئ ليدركوا أنّ ما يظنّه البعض مثاليات تربوية قد صار في الحقيقة وبالفعل في حيز التطبيق والواقع.

وإتباعا لنفس المبادئ، لا ينحاز البهائيون إلى جانب دولة ضد دولة أخرى. لان انحيازهم لأية دولة هو إعلان بعدم الحيادية. ولكن هذا لا يعني عدم الولاء التام لتلك الدولة والعمل على خدمة وتطور المجتمع الذي يعيشون فيه، فهم يفضلون العمل على خدمة أفراد المجتمع البشري وصلاحه بدل التدخل بالأمور السياسية.

ورغم أنّنا في هذه الصفحة نتكلم بصورة عامة عن مبدأ عدم التدخل بالسياسة إلا أنّنا ولسبب التوضيح نذكر نتعرض بشكل مبسط لما يردّده الكثيرون هذه الأيام وهو اتهام البهائيين بمساندة إسرائيل[٢] أو قوى الاستعمار الغربية في حين يتبين مما أدرج سابقا أن مثل هذا التدخل تحرمه المبادئ البهائية بصريح النص. بالإضافة لذلك فان تاريخ تواجد البهائيين في المجتمع العربي وعدم تدخلهم في السياسات المحلية والدولية وغيرها لأكبر دليل على إتباع البهائيين لهذا المبدأ. أن نزاهتهم، وصدقهم، وولائهم للمجتمعات التي يعيشون فيها، وتجنبهم السياسة أمر يقر به كل من عرفهم من أصدقاء وأقارب وجيران وزملاء في العمل، وكذلك كل من راقبهم من الجهات الأمنية في بلدانهم.



"يَا ابْنَ الرُّوحِ ... أَحَبُّ الأَشْيَاءِ عِنْدِي الإنْصافُ. لَا تَرْغَبْ عَنْهُ إِنْ تَكُنْ إِلَيَّ راغِبًا وَلَا تَغْفَلْ مِنْهُ لِتَكُونَ لِي أَمِينًا وَأَنْتَ تُوَفَّقُ بِذلِكَ أَنْ تُشَاهِدَ الأَشْياءَ بِعَيْنِكَ لا بِعَيْنِ العِبادِ وَتَعْرِفَها بِمَعْرِفَتِكَ لا بِمَعْرِفَةِ أَحَدٍ فِي البِلادِ. فَكِّرْ فِي ذلِكَ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ. ذلِكَ مِنْ عَطِيَّتِي عَلَيْكَ وَعِنايَتي لَكَ فَاجْعَلْهُ أَمامَ عَيْنَيْكَ."
%
تقدم القراءة