حقائق عن الدين البهائي

Facts about the Bahá’í Faith


العلاقة المزعومة مع إسرائيل


مقدمة:

تقوم بعض وسائل الإعلام العربية والإيرانية بين فترة وأخرى بنشر (ثم إعادة نشر) وتكرار العديد من التهم الموجهة للبهائيين ولديانتهم والتي لا أساس لها من الصحة كما رأينا مؤخرا حين قامت بعض الصحف العربية اثر قرار القضاء المصري (في ابريل ٢٠٠٦م) بإعطاء البهائيين الحق بتدوين ديانتهم في الهوية الشخصية.

وعلى رأس هذه التهم أن البهائية تهدف إلى محاربة الإسلام والقضاء عليه. وان البهائيون يحاولون التأثير على امن الدول الإسلامية وهدم أركانها بالعمل كعملاء للاستعمار والصهيونية وطلب الدعم من الحكومة الإسرائيلية وممثليها لإنشاء أحزاب سياسية داخل الوطن العربي وبالتحديد مصر.

وللتأكد من إساءة سمعة البهائيين وإثارة الرأي العام ضدهم، لا تكتفي هذه الصحف أو المصادر التي يعتمد عليها مراسلي هذه الصحف ومحرريها بترويج التهم البالية التي لا أساس لها من الصحة على الإطلاق، بل تقوم باتهام وتنشر الإشاعات عن كل من إرادت تشويه سمعته من خصومها السياسيين، أو الأفراد الذين لا تتفق معهم على مبدأ ما أو ممارسة معينة، بأنهم بهائيون. محاولة ان تحقق بمثل هذه الممارسات غايتين إحداهما التشهير بالبهائية وإلصاق الصبغة السياسية عليها، والثانية تشويه سمعة هؤلاء الأشخاص والتأثير على مركزهم السياسي أو الاجتماعي أو الديني. ومن ابرز هذه الأمثلة اتهام محمود عباس، وعبود الزمر من قبل بعض مصادر الإعلام العربي، بأنهم بهائيين رغم نفي هؤلاء الأشخاص ذلك.

ومن المؤسف جدا أن العديد من الصحف العربية وروابط الشبكات الالكترونية تتداول وترويج مثل هذه الإشاعات بدون التأكد من صحتها والرجوع إلى الأشخاص المعنيين بالأمر. وهذا يدعونا للتساؤل عن القصد الحقيقي من مثل هذه الممارسات غير المسئولة التي تخالف الأمانة العلمية وما تنص عليه مبادئ الصحافة الحرة وتتطلبه الحيادية والموضوعية في نقل الأخبار، ومدى الضرر الذي تحدثه في المجتمع.

إن الاتهامات التي لا أساس لها من الصحة، ما هي إلا وسيلة لإثارة الرأي العام ضد البهائيين وخلق الفتنة والشكوك بين أفراد الشعب الواحد. فخلال ما يقارب المائة وستين عاما على نشوء الديانة البهائية تحولت الاتهامات ضدهم حسب تطور العلاقات السياسية بين دول الشرق الأوسط وباقي الدول، فبعد أن اتهموا بالعمالة للروس في القرن التاسع عشر، صاروا يتهمون بالعمالة للانكليز في بداية القرن العشرين، ثم تحولت التهم إلى العمالة لليهود وأمريكا منذ أواسط القرن العشرين. بالرغم من التحقيقات الصحفية التي قام بإجرائها العديد من الصحفيين العرب ومن الجدير بالذكر انه بينما قامت بعض الدول العربية بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل والسماح بإنشاء سفارات لهم في البلاد العربية منذ أكثر من ربع قرن، لا يزال البهائيون في تلك الدول لا يقدمون على زيارة أماكنهم المقدسة في حيفا وعكا إلى الآن إتباعا لنصائح الإدارة البهائية العالمية، و تفاديا لمثل هذه التهم.


وجود المركز الإداري البهائي في إسرائيل:

وتدعي هذه الاتهامات أن وجود المركز البهائي العالمي في إسرائيل هو برهان على كون البهائيين عملاء للدولة الإسرائيلية التي تقوم بتوفير الدعم المالي لهذه الحركة (بينما تدعي التهم الأخرى ان البهائيون هم الذين يدعمون إسرائيل ماديا).

وعند البحت في المعطيات التاريخية، نجد أن المركز البهائي العالمي تأسس في منطقة حيفا وعكا في أوائل القرن العشرين نتيجة نفي حضرة بهاء الله مؤسس الدين البهائي إلى تلك الديار بأمر من السلطات العثمانية في سنة ١٨٦٨م، أي ثمانون عاما قبل تأسيس دولة إسرائيل. و تم دفن جثمانه الأطهر بعد في مدينة عكا عام ١٨٩٢م بعد ان توفي، في منطقة البهجة في ضواحي المدينة، وأصبح مقره الأخير مزارا وقبلة لأتباعه. وبعد ذلك، وفي عام ١٩٠٩م تم نقل رفاة مبشره حضرة الباب الى سفح جبل الكر مل في مدينة حيفا حيث دفن هناك.

و أفرجت الحكومة العثمانية عن حضرة عبد البهاء، الابن الارشد لحضرة بهاء الله في سنة ١٩٠٨م بعد قيام ثورة "تركيا الفتاة" والإفراج عن العديد من المساجين السياسيين. وكان حضرة عبد البهاء في ذلك الحين قد قضى أربعين سنة من عمره في الأراضي المقدسة، فقرر ان يستمر بالعيش فيها وخدمة أهلها وكان قد عرف بين الناس بعلمه وكرمه وحسن أخلاقة. فهذا ما أشاد به معاصريه من اهل المنطقة ومشاهيرها وقياداتها، ونقلت هذه الشهادات الكتب والصحف في مصر وفلسطين وباقي بلاد الشام ودونها معاصريه من الكتاب العرب وغيرهم. وعندما توفي حضرته عام ١٩٢١م، دفن في غرفة مجاورة لضريح الباب في مدينة حيفا. والبهائيون مثلهم كمثل العديد من أتباع الديانات السماوية الأخرى يعتبرون تلك الديار أرضا مقدسة، يتجهون إليها للزيارة والحج وتضم أيضا المركز العالمي للإدارة البهائية. وكان قد تم البدء بإنشاء وتطوير هذه الأماكن المقدسة والإدارية قبل أن تعلن إسرائيل كيانها كدولة بنصف قرن على الأقل ثم استمر ذلك بعد إعلان هذا الكيان. فكما انه لو تم ضم إحدى المناطق العربية التي كانت تضم حرما شريفا تحت سلطة هذا الاحتلال، فان واجب من يرعى ذلك الحرم الشريف في تلك الحالة ليس الهجرة أو الرحيل وتأسيس حرم آخر، بل رعاية المقام المقدس بغض النظر عمن يحكم المنطقة في زمن معين. فالبهائيون يقومون حاليا برعاية مقاماتهم في وتجميلها وتطويرها وتستقبل حدائق البهائيين المفتوحة بدون أية رسوم، الزوار العرب وغيرهم بدون اية تفرقة او عنصرية. ويقوم على إدارة هذه الأماكن ورعايتها متطوعين من الشباب البهائيين من جميع إنحاء العالم. ولا يتقاضى هؤلاء أية أجور مالية و تقوم الإدارة البهائية بتغطية نفقات معيشتهم فقط. ويأتي المتطوعون للخدمة هناك لفترات وجيزة لا تزيد عادة عن ثمانية عشر شهرا. وتحرص الإدارة البهائية العالمية على التأكيد على عدم تدخلهم او مشاركتهم بأي من النشاطات خارج نطاق الأماكن البهائية. ولا يوجد مجتمع بهائي محلي في إسرائيل، كما انه لا يسمح للبهائيين من المتطوعين للخدمة في الأماكن المقدسة أو غيرهم مطلقا بنشر الدين البهائي بين سكان المنطقة بغض النظر عن ديانتهم.

استمر البهائيون بعد قيام دولة إسرائيل، بدعم من أفراد الجالية البهائية في جميع أنحاء العالم، بالحفاظ على هذه المواقع المقدسة وتطويرها وثابروا لدى الحكومة الإسرائيلية ليحصلوا علي حقوقهم المشروعة كدين مستقل. فكما عفت الحكومة الإسرائيلية عن الضرائب المقررة على المقامات المقدسة لدى اليهود والمسيحيين والمسلمين فقد حصل البهائيون علي نفس هذه الحقوق و بدون اي زيادة عما حصل عليه الآخرين. فالأحكام البهائية تحصر قبول التبرعات المالية على البهائيين فقط. و لا يقبل البهائيون مساعدات مالية من أي شخص غير بهائي أو أية حكومة في العالم ومن ضمنها الحكومة الإسرائيلية. وكما يقوم المسلمون مثلا بجمع التبرعات لشتى المشاريع الخيرية، يعتبر البهائيون التبرع لمشاريعهم الدينية واحدا من الواجبات الدينية. وتستخدم هذه الأموال على المستوى المحلي، والدولي، والعالمي حسب ما يوصي به المتبرعون أنفسهم ضمن إطار المبادئ البهائية. وحين يعبر الفرد عن رغبته بان يصرف قسما من تبرعاته على المشاريع العالمية أو عندما لا يحدد الأفراد خيارهم لمشاريع معينة بالذات، تصرف هذه الأموال تحت إشراف الإدارة البهائية في رعاية المقامات المقدسة وتدبير الشئون الدينية والأنشطة الاجتماعية التي تقدمها الجالية البهائية في أنحاء العالم المختلفة وفي إنشاء ودعم نشاطات مؤسسات غير ربحية تهدف إلى العمل على توفير الحياة الكريمة الآمنة للمجتمع البشري بغض النظر عن معتقدات أفراده الدينية او انتمائهم السياسي. ونشاط الجالية البهائية في العالم العربي محدود في هذا المجال وذلك بسبب المعوقات التي تواجهها المؤسسات المدنيّة بشكل عام والقيود المفروضة على البهائيين في هذه الدول بشكل خاص.


تهمة دعم الحكومة الإسرائيلية لمطالب البهائيين السياسية:

نشرت بعض الجرائد المصرية ومنها صحيفة "المصريون" خلال الأشهر القليلة الماضية، أحداثا تدّعي فيها ان القيادات البهائية طلبت الدعم من الحكومة الإسرائيلية وسفاراتها الضغط على الدول العربية للسماح للبهائيين بإنشاء أحزاب سياسية داخل الوطن العربي، وبالتحديد في مصر. وادعت هذه الادعاءات أن إسرائيل بالفعل وافقت على ذلك وتعهدت لهم بالدعم والحماية. ومن البديهي انه ليس لهذه الاتهامات أية مصداقية او منطقية، لان البهائية تحّرم على أتباعها الاشتغال بالسياسة والانتماء إلى الأحزاب السياسية قطعا، فما بالك بالترشيح أو العمل على خلق مثل هذه الأحزاب! فمبدأ عدم التدخل بالسياسة هو إحدى المبادئ الجوهرية للدين البهائي التي يطبقها البهائيون منذ نشوء دينهم، بغض النظر عن أماكن تواجدهم، مع العلم بان البهائيين يعيشون في جميع أنحاء العالم، في أكثر من ٢٣٥ دولة. فالدين البهائي يدعو أتباعه لإطاعة الحكومات التي يعيشون تحت سلطتها وتطبيق قوانينها سواء كانت الحكومة تركية، أو مصرية، أو إسرائيلية، أو إيرانية، أو أمريكية طالما أن هذه القوانين لا تطلب منهم التخلي عن عقيدتهم ولا تتعارض مع أسسها (ومن ضمن هذه الأسس الحفاظ على مبدأ عدم تدخلهم بالأمور السياسية والحزبية). فلقد أكد حضرة بهاء الله أن على أتباعه ان يكونوا موالين لحكومتهم مطيعين لأوامرها وقراراتها عاملين على تعزيز كيانها بالخدمات الصادقة والأمانة التامة ومؤدين واجباتهم الإدارية والوطنية على خير وأكمل وجه، وان يعملوا على ترقية مصالح أوطانهم الخاصة وخدمة أبناء وطنهم بالصدق والوفاء أينما كانوا. لمزيد من المعلومات عن عدم التدخل بالسياسة اضغط هنا.


"يَا ابْنَ الرُّوحِ ... أَحَبُّ الأَشْيَاءِ عِنْدِي الإنْصافُ. لَا تَرْغَبْ عَنْهُ إِنْ تَكُنْ إِلَيَّ راغِبًا وَلَا تَغْفَلْ مِنْهُ لِتَكُونَ لِي أَمِينًا وَأَنْتَ تُوَفَّقُ بِذلِكَ أَنْ تُشَاهِدَ الأَشْياءَ بِعَيْنِكَ لا بِعَيْنِ العِبادِ وَتَعْرِفَها بِمَعْرِفَتِكَ لا بِمَعْرِفَةِ أَحَدٍ فِي البِلادِ. فَكِّرْ فِي ذلِكَ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ. ذلِكَ مِنْ عَطِيَّتِي عَلَيْكَ وَعِنايَتي لَكَ فَاجْعَلْهُ أَمامَ عَيْنَيْكَ."
%
تقدم القراءة